منذ ترك عمله كمضيف جوي، دأب المغامر المصري سامر صموئيل على ارتياد صحراء سيناء مستخدمًا الجمال في رحلات تمتد من عشرة أيام إلى أربعة عشر يومًا.
وطوال تلك السنوات، لم يدر بباله أنه سيكون على موعد مع كشف أثري هو الأول من نوعه في جنوب سيناء؛ حيث قادته الصدفة إلى اكتشاف كهف أثري قد يرجع تاريخه إلى نحو عشرة آلاف عام مضت.
اكتشف "صموئيل" الكهف في منطقة وعرة تسمى "الزرانيخ"، تقع على بعد حوالي 60 كيلومترًا عن جنوب شرق سرابيط الخادم (تبعد حوالي 80 كيلومترًا عن رأس سدر)، و30 كيلومترًا شمال مدينة سانت كاترين، وهو من الحجر الرملي، ويبلغ عمقه حوالي ثلاثة أمتار وارتفاعه 3.5  أمتار وعرضه 22 مترًا.
يقول "صموئيل" في تصريحات لـ"للعلم": كنت على يقين بأن ما أراه من خلال رحلاتي على ظهر الجمال لا يمكنني رؤيته او ربما الوصول له من الأساس باستخدام السيارات المجهزة للسفاري واستكشاف الصحراء. وتساءلت أكثر من مرة عن وجود كهوف صخرية تحمل نقوشًا وكتابات مثل تلك المنتشرة في الصحراء الغربية وبالتحديد في منطقة الجلف الكبير، التي قرأت عنها كثيرًا، ودلني أحد أصدقائي من البدو على منطقة فيها كهوف تحمل نقوشًا مثل تلك التي أبحث عنها، بالفعل ذهبت إلى هذه المنطقة التي انبهرت بها منذ الدقيقة الأولى، وشعرت بأنني وجدت كنزًا لا يقدر بمال.
يضيف "صموئيل":أخبرت مصطفى محمد -مدير المركز العلمي للتدريب بجنوب سيناء والبحر الأحمر- بما رأيت، وبالفعل قامت لجنة متخصصة بتوثيق النقوش الصخرية.
من جهته، يقول مصطفى محمد: "إن اللجنة توجهت إلى سانت كاترين للقاء صموئيل حيث اجتمعنا بالقرب من مكان الكشف، وتوجهنا إلى منطقة الشيخ الفرنجة الواقعة شمال سانت كاترين حيث قابلنا دليلنا البدوي زايد المزيني.
ويواصل: في طريقنا نحو الكهف توقفنا كثيرًا أمام آثار استيطان الإنسان القديمة بسيناء، ومنها أكواخ بسيطة من الحجر بقاياها عبارة عن دوائر بداخلها شظايا الأدوات الحجرية كدليل يشير إلى حضارة العصر الحجري الحديث، ثم توقفنا مرةً أخرى أمام التكوينات الصخرية الطبيعية  المميزة والرائعة، ويطلق عليها "أم السرابيط" نسبة إلى كلمة سربوط، التي تشير إلى الحجر الواقف في لغة البدو، وتوقفنا مرة ثالثة أمام رسوم صخرية ترجع إلى القرن الثاني الميلادي تمثل مناظر لقتال ومناظر قوافل ومناظر صيد.
يوضح مدير المركز العلمي للتدريب بجنوب سيناء والبحر الأحمر أن "الكهف عبارة عن مأوى صخري عميق، ويحوي نقوشًا مرسومة  باللون الأحمر ورسومًا أخرى استخدم فيها الحز والكحت على الحجر، ولكنها قليلة بالنسبة لعدد الرسوم الملونة، والرسوم معظمها على سقف المأوى، وبعضها على كتل متساقطة من السقف، والمكان مملوء بروث الحيوانات، إذ يلجأ إليه البدو لحماية قطعانهم من الأمطار والعواصف والبرد.
بدوره، يقول هشام حسين، مدير عام منطقة آثار شمال سيناء ورئيس البعثة الأثرية التي وثقت الكهف بتقنية التصوير الفوتوجرامتري: "إن النقوش المكتشفة تصور العديد من المناظر المتنوعة التي ترجع إلى عصور مختلفة، تم تقسيمها إلى عدد من المجموعات لتشمل المجموعة الأولى النقوش المرسومة على أقدم طبقة من سقف الكهف، وهي تعتبر الأقدم بحيث يمكن تأريخها مبدئيًّا لفترة تعود إلى ما بين 5500 إلى 10 آلاف عام قبل الميلاد، وتتميز باللون الأحمر الداكن وعليها مناظر لحيوانات تشبه الحمير أو البغال، وتتميز بتناسق جسم الحيوانات عكس باقي المناظر، كما يمكن تمييز خمسة حيوانات من العصر نفسه على السقف في مدخل المأوى، وأيضًا مجموعة من الكفوف الأدمية مرسومة على السقف، ومجموعة أخرى على صخرة في وسط الكهف".
أما المجموعة الثانية، فيرجح أنها ترجع للعصر النحاسي، وتتميز بمناظر سيدات، إلى جانب مناظر حيوانات. بينما قد ترجع المجموعة الثالثة والأخيرة إلى عصور ما بعد الميلاد، إذ تصور أشخاصًا في هودج جمل.
يشير "حسين" إلى أن البعثة سوف تستكمل أعمالها، وجارٍ مسح المنطقة بالكامل، التي تتميز بكثرة وديانها الصغيرة المتعرجة، وكثرة هرابات المياه الطبيعية، وهو تفسير منطقي لوجود النقوش، إذ إن موضع المأوى يُعد موقع مراقبة متميزًا لصيد الحيوانات البرية، كما تكثر فيه النباتات والعشب لرعي القطعان، وفق قوله.